روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | سقوط إشبيلية.. سقوط خمس قرون إسلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > سقوط إشبيلية.. سقوط خمس قرون إسلام


  سقوط إشبيلية.. سقوط خمس قرون إسلام
     عدد مرات المشاهدة: 4276        عدد مرات الإرسال: 1

المكان: مدينة إشبيلية - درة الأندلس ..  الموضوع: سقوط مدينة إشبيلية أكبر مدن الأندلس في يد الصليبيين بعد حصار دام عامًا ونصف.

 الأحداث:

سقوط إشبيلية سقوط خمس قرون إسلام في بلاد الأندلستعجب كثير من المسلمين وذهلوا عندما قرر قادة التحالف الشمالي في أفغانستان وضع أيديهم في أيدي أعداء الإسلام في حملتهم الصليبية على بلاد المسلمين.

وكم كانت الفاجعة عندما رأوا المسلمين يحاربون بجانب الصليبيين ضد إخوانهم المسلمين, ولكن لا عجب فهي قصة قديمة تكررت كثيرًا عبر أحداث التاريخ بصورة مختلفة ولكن النتيجة واحدة والنهاية واحدة في كل هذه القصص هي الخسارة والندامة والضياع.

ثم الاحتقار والازدراء في مزبلة التاريخ, حيث يرجم المسلمون بعدهم تاريخهم القذر, وصفحتنا هذه قصة قديمة لضياع بلاد المسلمين بسبب أمثال هذه التحالفات الخبيثة.

 كان لسقوط سلطان الموحدين عن الأندلس دويًّا هائلاً على مجريات الأحداث في هذه البلاد التليدة في الإسلام والإيمان حيث حدث فراغ في السلطة في تلك البلاد.

وانقسمت لدويلات صغيرة وإمارات متناثرة هنا وهناك بعد أن كانت دولة مترابطة وما حدث كان أسمى أمنيات عباد الصليب الذين كانوا يتربصون بالمسلمين الدوائر.

ويقضمون من بلادهم كل يوم قضمة وتقلصت الدولة المسلمة في الأندلس من أطرافها وسقطت معظم الجبهة الشرقية..

 وفي هذه الفترة ظهرت بارقة أمل عندما قام رجل سليل الأسر الحاكمة السابقة للأندلس وهو المتوكل بن هود وعمل على استرجاع أمجاد الماضي وخاض حروبًا شرسة ضد الصليبيين.

وخاصة أهل قشتالة الذين كانوا يعتبرون أنفسهم حماة الصليب, وكان ابن هود يدخل الحروب على عدة جبهات ضد الصليبيين, وفي أثناء ذلك امتدت أيد آثمة في الظلام لتغتال الحلم وتقضي على آمال استعادة ما فات.

حيث يقتل ابن هود غيلة وخيانة سنة 635هـ, وكان ابن هود أميرًا شجاعًا كريم الصفات يضطرم إخلاصًا وغيرة للإسلام والمسلمين, ولكن الأقدار حالت بينه وبين تحقيق حلمه وهدفه المنشود.

استغل الصليبيون مقتل ابن هود وأخذوا في الاستيلاء على بلاد الأندلس واحدة تلو الأخرى وساعدهم على ذلك اشتعال نار الفتنة بين أهل الأندلس الذين لم يتخلصوا منها على مر السنين؛ فالعصبية القبلية كانت السبب المباشر لبلية تلك البلاد، وفي تلك الآونة العصيبة التي أخذت فيها قواعد الأندلس العظيمة مثل قرطبة وبلنسية ومرسية تسقط تباعًا في يد الصليبيين.

في حين كان يؤثر الزعماء المسلمون الأصاغر إلى مصانعة ملك قشتالة الصليبي والانضواء تحت لوائه، وكانت أسبانيا الصليبية قد انتهت من الاستيلاء على الولايات الشرقية كلها، ولم يبق عليها سوى التهام الولايات الغربية..

وفي تلك الفترة ظهرت مملكة غرناطة وزعيمها الجديد ابن الأحمر الذي كان يحظى بتأييد جمهرة كبيرة من الشعب الأندلسي، ولا سيما في الجنوب، ولم يكن تحته ما يمنع من التفاف الأمة الأندلسية كلها حول لواء هذا الزعيم المنقذ.

ولكن روح التفرق والتنافس كانت متأصلة في نفوس المتغلبين والطامعين، وكان أصاغر الزعماء والحكام يؤثرون الانضواء تحت لواء ملك الصليبيين والاحتفاظ في ظله بمدنهم وقواعدهم على مظاهرة ابن الأحمر المسلم، وهكذا تكون العصبية القبلية والدنيا سببًا للتضحية بأقدس المبادئ ووشائج الإسلام.

في تلك الفترة استعد فرناندو الثالث ملك قشتالة الصليبي للاستيلاء على مدينة إشبيلية أعظم القواعد الأندلسية، فبدأ أولاً بالاستيلاء على مدينة "قرمونة" حصن إشبيلية الأمامي بمعاونة حلفائه من المسلمين الجبناء.

وعمل بعد ذلك على افتتاح باقي الحصون القريبة من إشبيلية واستطاع بعض قادة المسلمين المتحالفين معه إقناع أصحاب هذه الحصون تسليمها لملك قتشالة فتمهد السبيل لمحاصرة إشبيلية.

وبالفعل بدأ الصليبيون محاصرتها في جمادى الأولى سنة 645هـ وحشد فرناندو حول المدينة قوات عظيمة.

وتسابق الأمراء والأشراف والأحبار والكهان في الاشتراك في هذه الحملة الصليبية الخطيرة، ورابط أسطول كبير في نهر الوادي الكبير لإحكام الحصار على إشبيلية، ويا له من عار أن يشترك مسلمون في محاصرة إخوانهم مع ألد أعدائهم.

وصمم أهل إشبيلية الدفاع عن مدينتهم حتى آخر رمق فيهم، وكان يقود المدينة وقتها القائد شقاف الزعيم الحقيقي للمسلمين وقتها.

وطال وقت الحصار واشتد على المسلمين، وكانت المدينة محاصرة تتلقى مساعدات من وقت لآخر من أهل المغرب الذين كانت تتحطم قلوبهم حزنًا مما يجري لإخوانهم المسلمين في الأندلس.

طال الحصار على المدينة قرابة الثماني عشرة شهرًا وأبدى المسلمون آيات من البسالة والجلد في الدفاع عن حاضرة الإسلام في الأندلس, ولكن كيف السبيل للاستمرار وقد انقطعت بهم السبل, فلا قوة يدافعون بها ولا قوت يتقوتون به ولا إخوان يدافعون عنهم, بل إخوان يحاربونهم.

وفي النهاية بعد ملحمة الصمود والدفاع المجيد اضطر أهل إشبيلية إلى قبول مصيرهم المحتوم وارتضوا تسليم المدينة على أن يؤمن المسلمون في أنفسهم وأموالهم وأن يمهلوا شهرًا لتسوية شئونهم وإخلاء دورهم والتأهب للرحيل, على أن يقوم ملك قشتالة بنقلهم على سفنه للأماكن التي يتخيرونها..

وكل هذه الشروط كان الصليبيون في العادة يرفضونها, ويبدو أن الاستيلاء على هذه المدينة كان من أكبر أحلامهم؛ لذلك قبلوا شروط المسلمين.

ودخل فرناندو الصليبي ملك قشتالة مدينة إشبيلية في 5 رمضان سنة 646هـ في موكب فخم, وذلك بعد أن حكمها المسلمون أكثر من خمسة قرون.

وبمجرد دخوله إشبيلية أصدر أمره بتحويل مسجدها الجامع إلى كنيسة وإزالة معالم الإسلام منها بسرعة.

وكان سقوط إشبيلية إيذانًا بسقوط سائر بلاد الأندلس الغربية وتقلصت رقعة الدولة المسلمة في الأندلس بسرعة مروعة.

كل ذلك لأن بعض الجبناء الطامعين من زعماء المسلمين رأوا وارتضوا مسالمة الصليبيين على الاتحاد مع المسلمين, وكما قلنا إنها قصة قديمة جديدة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الكاتب: الشيخ إبراهيم النعمة

المصدر: مفكرة الإسلام